الثلاثاء، 12 يوليو 2016

[فصل مترجم] التهاب العظم والنقي وتموّت العظم الشعاعي



التهاب العظم والنقي وتموّت العظم الشعاعي

التهاب العظم والنقي Osteomyelitis

يعرّف التهاب العظم والنقي بأنّه التهاب في نقيّ العظم مع ميل للتطوّر. وهو ما يميّزه في الفكّ عن الخرّاج السنّي السنخي الواسع الانتشار وعن "السنخ الجاف" وعن التهاب العظم، المشاهدة في حالات الكسور المصابة بالخمج. حيث يشمل الصفائح القشريّة المجاورة وغالبًا ما يتضمّن النسج السمحاقيّة.
في حقبة ما قبل اكتشاف الصادّات الحيويّة، كان التهاب العظم والنقي في الفكّ السفلي شائعًا. ومع وصول الصادّات الحيويّة أصبح مرضًا نادرًا. وفي السنوات الأخيرة أصبحت العقاقير المضادّة للجراثيم أقلّ فعاليّة فنتج عن ذلك ظهور جديد للمرض، مقدّمًا تحدّيات تشخيصيّة وعلاجيّة كبرى بالنّسبة للأطبّاء. فرغم تقدّم المعالجة ما يزال هذا المرض مسبّبًا مهمًّا للوفيّات بين المرضى، ويتطلّب عدّة عمليّات جراحيّة ومعالجة طويلة الأمد مع فقدان للأسنان و/أو عظم الفك.
تحتمل إصابة الفك السفلي بالتهاب العظم والنقي بنسبة أكبر بكثير من العلوي وذلك بسبب طبيعة الصفائح القشريّة الكثيفة وقليلة التوعية وبسبب كون التغذية الدموية تأتي بشكل رئيسي من الحزمة الوعائيّة العصبيّة السنخيّة السفليّة. ويكون أقل شيوعًا في الفكّ العلوي بسبب التروية الدموية الممتازة الآتية من عدّة أوعية مغذّية. يضاف إلى ذلك كون عظم الفكّ العلوي أقل كثافة بكثير من الفك السفلي.

قد تساهم مناعة المضيف الضعيفة، موضعيًّا وجهازيًّا، بشكل مهم بظهور المرض ودخول المريض إلى الشكل السريري من المرض. يرافق التهاب العظم والنقي عدّة أمراض جهازيّة تتضمّن السكّري وحالات المناعة الذاتيّة والخباثة وسوء التغذية ومتلازمة نقص المناعة المكتسب. أمّا الأدوية المرتبطة بالتهاب العظم والنقي فهي الستيروئيدات وأدوية العلاج الكيميائي والبسفوسفونات. كما أنّ الحالات الموضعيّة المؤثرة سلبًا على التروية الدموية قد تؤهّب المضيف لإنتان العظم. فالمعالجة الشعاعيّة والتصخّر العظمي osteopetrosis وأمراض العظم قد تغيّر من التروية الدمويّة للمنطقة وتؤمّن بالتّالي مرتكزَا مهمًّا لنشوء التهاب العظم والنقي (الشكل -1).

الإمراضيّة

في المنطقة الفكيّة الوجهيّة، يحدث التهاب العظم والنقي بشكل رئيسي نتيجة انتشار إنتان سني المنشأ أو نتيجة للرض. يكون التهاب العظم والنقي دموي المنشأ الأولي نادرًا في المنطقة الفكّيّة الوجهيّة، ويحدث بشكل رئيسي عند المرضى الصغار. يبدأ التقدّم البالغ بدخول الجراثيم إلى عظم الفك. قد يحدث ذلك عقب قلع سن أو معالجة لبّيّة أو كسور في الفكّين العلوي والسفلي. يتظاهر الدخول الأوّلي على شكل تطوّر التهاب محرّض بالجراثيم bacteria-induced أو شلال الالتهاب cascade.
عند المضيف الصحيح الطبيعي، تحد هذه العمليّة ذاتيًّا ويحدث الشفاء. ولكن، في بعض الأحيان قد يحدث عند المضيف الطبيعي وبشكل خاص عند المضيف الضعيف كمون لهذه العمليّة بأن تتطوّر إلى نقطة تعتبر فيها حالة مرضيّة. فمع الالتهاب تحدث زيادة في الوارد الدموي واحتقان في المنطقة المصابة. وتنتقل كريّات بيضاء إضافيّة إلى المنطقة لتحارب الإنتان. ويتشكّل القيح عندما يوجد تراكم لفضلات الجراثيم والخلايا لا تمكن إزالته من قبل آليّات دفاع الجسم الطبيعيّة. فعندما يتشكّل القيح وتحدث الاستجابة الالتهابيّة التاليّة له في نقي العظم، يتزايد الضغط داخل النقي ما يقلل من تدفّق الدم إلى المنطقة. يمكن للقيح أن ينتقل عبر أقنية هافرس وفولكمان لينتشر في العظم القشري والاسفنجي. وحالما يخترق القيح العظم القشري  ويتجمّع تحت السمحاق تنخفض التروية الدمويّة للسمحاق ما يفاقم الحالة الموضعيّة. وتحدث النقطة النهائيّة عندما يغادر القيح النسج الرخوة عبر نواسير داخل أو خارج فمويّة.

الأحياء الدقيقة

تمّ تحديد أكثر من 500 صنف جرثوميّ في الفم. فالفم والشرج هما نهايتان متقابلتان لذات الأنبوب الهضمي ويعتبرهما العديد من الأطبّاء المناطق الأكثر تلوّثًا في الجسم البشري. في الماضي، كانت تعتبر المكوّرات العنقوديّة العامل الممرض الأساسي لالتهاب العظم والنقي في الفكّين. ولكن مع تقدّم علم الأحياء الدقيقة، أمكن لنا الحصول على صورة صحيحة للعضويّات المسبّبة للمرض. فبما أنّ المكوّرات العقديّة والجراثيم اللاهوائيّة هي العوامل الممرضة الأساسيّة للإنتانات الفمويّة، تكون الجراثيم اللاهوائيّة المسؤولة هي العصوانيّات bacteroides والعقديات الهضمونيّة peptostreptococi. غالبًا ما يكون الإنتان مختلط المحتوى، حاويًا على عدّة عوامل ممرضة عند الزرع النهائي. فيجب أن يبدأ الطبيب بالمعالجة التجريبيّة بالصادّات الحيويّة حسب أكثر العوامل الممرضة احتمالًا. قد يشمل ذلك وصف البنسلينات والمترونيدازول كمعالجة ثنائية العقاقير dual-drug therapy أو إعطاء الكليندامايسين كمعالجة مفردة  single-drug treatment. أما المعالجة النهائيّة المضادّة للجراثيم فيجب أن تستند على نتائج الزرع الأخير واختبارات التحسس لنحصل على أفضل نتائج التدبير الطبّي.

التصنيف

قُدِّمت العديد من الطرق لتصنيف التهاب العظم والنقي على مرّ السنين. اقترح نظام تصنيف معقّد من قبل Cierny  وزملائه. وصُنِّف التهاب العظم والنقي إلى كونه قيحيًّا supporative أو غير قيحي nonsupporative من قبل Lew  وWaldvogel. ثمّ عُدِّل هذا التصنيف من قبل Topazian. كما صنّف عدّة مؤلّفين التهاب العظم والنقي إلى دموي المنشأ hematogenous أو ثانويًّا لإنتان بؤريّ. واقترح نظام آخر من قبل Hudson حيث قسّم مظاهر التهاب العظم والنقي بشكل أساسي إلى نموذج حاد ومزمن. مع تعدّد أنظمة التصنيف، أصبحت المفارقة لتصنيف التهاب العظم والنقي واضحة.
مع ذلك، ولأجل التبسيط، إن نظام التصنيف المقدّم من قبل Hudson هو الأكثر فائدة للسريريّين. حيث يقسم التهاب العظم والنقي إلى نموذج حاد ومزمن حسب مظاهر المرض لمدّة شهر واحد.

1.      التهاب العظم والنقي الحاد
a.       البؤري المعدي contiguous focus (الشكل -2).
b.      المترقّي
c.       دموي المنشأ
2.      التهاب العظم والنقي المزمن
a.       متعدّد البؤر الناكس (الشكل -3)
b.      التهاب العظم والنقي لغاري.
c.       القيحي واللاقيحي (الشكل -5)
d.      المصلّب (الشكل -6)

المظهر السريري

بشكل متكرر جدًّا، وكما في أيّ إنتان، تظهر هذه الأعراض عند مريض التهاب العظم والنقيّ في المنطقة الفكّيّة الوجهيّة:
·         الألم
·         التورّم والوذمة في النسج المغطّية
·         تضخّم بالعقد اللمفيّة
·         حمّى
·         نَمَل في العصب السنخي السفلي
·         ضزز
·         وهن
·        نواسير
غالبًا ما يوصف الألم في التهاب العظم والنقي بأنّه عميق ومزعج، وغالبًا ما يكون غير متناسب مع الصورة السريريّة. في التهاب العظم والنقي الحاد يشاهد التورّم والوذمة بشكل متكرّر جدًّا في النسج المغطّية، والتي تشير إلى مرحلة الالتهاب الخلوي من العمليّة الالتهابيّة في العظم تحتها. ترافق الحمّى غالبًا التهاب العظم والنقي الحاد، بينما تندر مشاهدتها في التهاب العظم والنقي المزمن. يعتبر نمل العصب السنخي السفلي علامة كلاسيكيّة للضغط على العصب السنخي السفلي من قبل العملية الالتهابية ضمن نقي العظم في الفك السفلي. قد يتواجد الضزز إذا وجدت استجابة التهابيّة في العضلات الماضغة في المنطقة الفكية الوجهيّة. يشعر المريض بشكل متكرّر بالوهن وبشعور بالتعب والإرهاق العام، والتي قد تصاحب أي إنتان جهازي. أخيرًا قد توجد النواسير الداخل والخارج فمويّة بشكل عام في المرحلة المزمنة من التهاب العظم والنقي في المنطقة الفكية الوجهيّة.
غالبًا ما يخضع هؤلاء المرضى لأعمال مخبريّة كجزء من الفحص الأوّلي. في المرحلة الحادّة من التهاب العظم والنقي من الشائع مشاهدة زيادة في عدد الكريّات البيض مع انحراف نحو اليسارleft shift  (أي كثرة بالكريات البيضاء غير الناضجة)، الأمر الشائع حدوثه في أيّ إنتان حاد. بينما لا تعدّ زيادة عدد الكريّات البيض أمرًا شائعًا في المرحلة المزمنة من التهاب العظم والنقي. قد يظهر المريض أيضًا ارتفاعًا بمعدّل تثفّل الكريّات الحمر (ESR) والبروتين المتفاعل C (CRP). يعدّ كلّ من (ESR) و(CRP) مؤشرًا حسّاسًا للغاية للالتهاب في الجسم وهي غير نوعيّة جدًّا. وبالتّالي، تستخدم بشكل أساسي لمتابعة التقدّم السريري لالتهاب العظم والنقي.
جميع المرضى تقريبًا سيخضعون لشكل من التصوير الفكّي الوجهي. فالصورة البانوراميّة لا مفرّ منها للتقييم الأوّلي لالتهاب العظم والنقي. ويمكن الحصول عليها بسهولة في معظم المراكز السنّيّة ويمكن الحصول منها على معلومات قيّمة مثل التغيرات الشعاعية الناتجة عن التهاب العظم والنقي، ومصادر المرض الأساسيّة، والحالات المؤهّبة له كالكسور وأمراض العظم. فيجب الإبقاء في الذهن أن الصور الشعاعيّة تقع خلف المظهر السريري حيث تتطلّب شمول الصفيحة القشريّة لحدوث تغيّر ملحوظ. وبالتالي، قد تستغرق عدّة أسابيع قبل أن تبدأ العلامات العظميّة بالظهور شعاعيًّا. لذلك، من الممكن مشاهدة مريض التهاب عظم ونقي حاد يملك مظهراً طبيعيًّا للعظم في الصورة البانوراميّة. على أي حال، تغلب مشاهدة مظهر (أكل العث moth-eaten) للعظم أو تشظّي العظم، وهو المظهر الكلاسيكي لالتهاب العظم والنقي.
أصبح المسح الطبقي المحوسب (CT) الأساس لتقييم أمراض المركب الوجهي الفكي مثل التهاب العظم والنقي. حيث يؤمن تصويرًا ثلاثي الأبعاد الأمر غير المتوفر في التصوير البانورامي. فيمكن للتصوير الطبقي أن يظهر بشكل عالي الدقة أمورًا مثل التآكل المبكّر للعظم القشري في حالات التهاب العظم والنقي. فيمكن غالبًا مشاهدة امتداد الآفة وشظايا العظم بالإضافة إلى الكسور المرضيّة. يتطلّب التصوير الطبقي المحوسب، مثل الأفلام العاديّة، خسف 30 إلى 50% من معدن العظم لتشاهد التغيرات عليه، الأمر الذي يؤدي لتأخير مهم في تشخيص التهاب العظم والنقي.
التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) يعتبر بشكل عام أعلى قيمة لتقييم آفات النسج الرخوة في المنطقة الفكيّة الوجهيّة. ولكن، يمكن للتصوير بالرنين أن يساعد في التشخيص المبكّر لالتهاب العظم والنقي عبر فقدان إشارة نقي العظم قبل ظهور تآكل الصفيحة القشريّة أو تشظّي العظم. لذلك، قد يفيد التشخيص بالرنين المغناطيسي في تحديد المراحل المبكّرة من التهاب العظم والنقي.
لقد تطوّر الطب النووي ليساعد في تشخيص التهاب العظم والنقي. حيث يعدّ التيكنيتيوم 99 (Technetium 99) العمود الفقري للتصوير النووي في المنطقة الفكيّة الوجهيّة. فالمسح العظمي بالتكنيتيوم 99 حسّاس جدًّا في إظهار مناطق التآكل العظمي المتزايد؛ ولكنّ هذا المسح على أيّ حال لا يحدّد بدقّة مناطق الإنتان. ومع إضافة الغاليوم 67 (gallium 67) أو الإنديوم 11 (indium 11) كعوامل تباين، أصبح بالإمكان تمييز مناطق الإنتان عن مناطق الرض أو الشفاء بعد العمل الجراحي حيث ترتبط هذه العناصر بالكريّات البيضاء بشكل خاص.

المعالجة

يتطلّب تدبير التهاب العظم والنقي في المنطقة الفكيّة الوجهيّة تداخلاً دوائيًّا وجراحيًّا. وفي حالات نادرة من التهاب العظم والنقي الطفلي، قد يفيد إعطاء الصادات الحيويّة وريديًّا في تراجع المرض. إنّ المعالجة بالصادّات الحيويّة نادرًا ما تكون علاجيّة في الحالات المتأخّرة. والغالبيّة العظمى من حالات التهاب العظم والنقي تتطلّب تداخلًا جراحيًّا.
من الواضح أنّ الخطوة الأولى لمعالجة التهاب العظم والنقي هي تشخيص الحالة بشكل صحيح. نحصل على التشخيص البدئي من الفحص السريري والشعاعي والفحص النسيجي. يجب أن يعي الطبيب أن الآفات الخبيثة قد تملك نفس مظاهر التهاب العظم والنقي ويجب إبقاؤها في الذهن عند وضع التشخيص التفريقي إلى أن تستبعد بإجراءات التشريح المرضي النسيجيّة (الشكل -7). يجب أن تُرسل نسج الموقع المصاب إلى المخبر لصبغها بصبغة جرام وزرعها ولإجراء اختبارات الحساسيّة والفحص النسيجي. فالاستجابة السريريّة للمعالجة عند أي مريض قد تتدنّى إذا لم نحسّن من عوامل المضيف إلى أقصى حد. يستطب التقييم والتدبير الطبي لتحديد ومعالجة أي حالة تثبيط مناعي وغالبًا ما يكون ذلك مفيدًا. فعلى سبيل المثال، تجب السيطرة على الغلوكوز عند مريض السكري إلى وضع مستقر لنحصل على أفضل استجابة للمعالجة.
يجب بدء المعالجة التجريبيّة بالصادّات الحيويّة حسب نتائج صبغة جرام للمفرزات أو حسب العوامل الممرضة الأكثر احتمالًا بالتسبّب بالمرض في المنطقة الفكّيّة الوجهيّة. فنتائج الزرع النهائي واختبارات التحسّس تستغرق عدّة أيّام أو أكثر بشكل عام لنحصل عليها ولكنّها قيّمة لتدلّ الجرّاح على الصاد الأمثل اعتمادًا على العضويّات المسبّبة للمرض الخاصّة بالمريض. قد توضّح الاستعانة بقائمة الأمراض المعدية أحدث الصادّات الحيويّة و/أو الأنظمة الدوائيّة المستخدمة.

الخيارات الجراحيّة

المعالجة الكلاسيكيّة هي استئصال الشظايا sequestrectomy والتصحين saucerization. فالهدف هو إزالة الشظايا العظميّة المتموّتة أو قليلة التوعية في منطقة الإصابة وتحسين التدفّق الدموي. تتضمّن عمليّة استئصال الشظايا إزالة القطع العظميّة غير الموعّاة والمؤوفة- أي بشكل عام إزالة الصفائح القشريّة في المنطقة المصابة. أمّا عمليّة التصحين فتتضمن إزالة القشور العظميّة المجاورة للسماح بالشفاء بالمقصد الثاني بعد إزالة العظم المصاب. تتضمّن عمليّة التقشير Decortication إزالة العظم القشري الكثيف وقليل التوعية والمصاب بإنتان مزمن على الأغلب ثم وضع السمحاق الموعّى على العظم الإسفنجي مباشرة للسماح بزيادة التدفق الدموي والشفاء في المنطقة المصابة. يحدد العامل الأساسي في الإجراءات آنفة الذكر سريريًّا وذلك بالقطع حتى الوصول إلى نسيج عظمي نازف بشكل جيد. فالمحاكمة السريريّة أساسيّة في هذه الخطوات ويمكن دعمها بالتصوير قبل العمل الجراحي الذي يظهر مقدار امتداد المرض في العظم. من الضروري في غالب الأحيان إزالة الأسنان المجاورة لمنطقة الإصابة بالتهاب العظم والنقي. وعند إزالة الأسنان والعظم المجاور يجب على الطبيب أن يعي أن هذه الإجراءات الجراحيّة قد تضعف عظم الفك وتؤهب لحدوث كسور مرضيّة (انظر الشكل -6).
تدعم المنطقة الضعيفة في كثير من الأحيان بجهاز مثبّت (مثبّت خارجي أو صفيحة بناء) و/أو يوضع مثبّت للفكين العلوي والسفلي لدى المريض لمنع الكسور المرضيّة. بالطبع، سنقوم أساسًا بتطعيم مثل هذه المناطق عندما تزال كمية معتبرة عند استئصال الشظايا وعمليّة التصحين.
يقترح بعض المؤلفين طرائق معالجة مساعدة بتقديم جرعات عالية من الصادات الحيويّة إلى المنطقة باستخدام خرزات مشبعة بالصاد الحيوي أو أنظمة إرواء الجروح. تستند هذه المعالجات على افتراض أن مستويات الصادات الحيوية موضعيًّا تصبح مرتفعة بينما تكون الجرعة الجهازية الكلّيّة منخفضة، ما يقلّل بالتالي من التأثيرات الجانبيّة المحتملة ومن معدّل الاختلاطات.
كما تطبّق أيضًا المعالجة بالأوكسجين مفرط الضغط Hyperbaric oxygen (HBO) لمعالجة التهاب العظم والنقي المعنّد. تعمل هذه الطريقة على رفع مستويات أكسجة النسج ما قد يفيد بالتخلّص من الجراثيم اللاهوائيّة الموجودة في هذه الجروح. ما يزال استخدام الأوكسجين مفرط الضغط لمعالجة التهاب العظم والنقي محلّ خلاف.
يستخدم قطع العظم بشكل كلاسيكي كملجأ أخير للمعالجة، وذلك بشكل عام بعد بضع عمليات إزالة للشظايا أو بعد معالجة سابقة غير ناجحة أو لإزالة المناطق المشمولة بكسر مرضي. يجرى هذا القطع عمومًا عبر مدخل خارج فموي، ويكون الترميم إما بشكل فوري أو متأخّر بناء على تفضيل الجرّاح. يخفّف التثبيت الداخلي الصلب فترة الشفاء بعد العمل الجراحي إذ يشكّل وسيلة فورية لاستعادة وظيفة الفكّين.

نعتقد أن القطع المبكّر وإعادة بناء العظم يقلّل من مدّة المعالجة. إذ حالما ما يتطوّر النّمل عند المريض في حالات التهاب العظم والنقي في الفك السفلي، يستطب القطع العظمي وإعادة البناء الفوري. فعند هذه النقطة لا نتوقّع المحافظة على الفكّ السفلي -وتجب محاولة تقليل مدّة المرض والمعالجة (الشكل -8).

التموّت العظمي الشعاعي Osteoradionecrosis


تعدّ المعالجة الشعاعيّة وسيلة علاجيّة قيّمة لمعالجة سرطانات الوجه والفكّين. يمكن استخدام المعالجة الشعاعيّة لوحدها أو كمعالجة مساعدة بالمشاركة مع الجراحة والمعالجة الكيميائية. فالمعالجة الشعاعيّة مثلّ أي وسيلة علاجيّة لها آثار جانبيّة ضارّة تتضمّن التهاب المخاطيّة وجفاف الفم. ومن أكثر آثارها الجانبيّة سوءًا التموّت العظمي الشعاعي (ORN). تاريخيًّا، كان يعتقد أنّ تموّت العظم الشعاعي هو مظهر لالتهاب العظم والنقي المحرّض بالأشعّة. ولكن أظهر Marx أنّ تموّت العظم الشعاعي يمثّل جرحاً مزمنًا لا يشفى يتّصف بكونه ناقص التأكسج وقليل الخلايا وقليل التوعية الدمويّة. ولسنوات مضت، كان يستخدم المعالجون أشعّة ذات فولتاج قويم (Orthovoltage) والتي تمتلك احتمالًا أعلى لحدوث التموّت العظمي الشعاعي. بينما يستخدم المعالجون الآن أشعّة ذات فولتاج ميغاوي (Megavoltage)، والتي يعتقد أنّها ألطف على العظم والنسج الرخوة. بالإضافة إلى ذلك، تخفّض عمليّة الإيزاء (collimation) وحجب النسج بالإضافة إلى التقييم السني الحذر قبل العمل الجراحي تخفّض بشكل كبير من احتمال حدوث تموّت العظم الشعاعي. إنّ تأثير الأشعّة يدوم طوال الحياة ولا ينخفض مع مرور الوقت.
ينتج تموّت العظم الشعاعي بشكل أساسي عن الرض في المنطقة المشعّعة، عادةً بعد قلع سن، وقد يحدث أيضًا بشكل عفوي. يتظاهر تموّت العظم الشعاعي في أكثر الحالات على شكل ألم وانكشاف للعظم في المنطقة الفكيّة الوجهيّة (الأشكال -9 و-10). وأكثر ما يشاهد تموّت العظم الشعاعي في الفك السفلي أكثر من العلوي لأسبب وُصِفت في وقت سابق في هذا الفصل. يعتقد أنّ جرعة الإشعاع التي تتجاوز 5000 إلى 6000 راد بشكل عام تجعل الفك السفلي مؤهبًا لتموّت العظم الشعاعي. عند التصوير الشعاعي يبدو تموّت العظم الشعاعي على الصورة البانوراميّة وبالمسح الطبقي المحوري بشكل مشابه لالتهاب العظم والنقي التقليدي مع مناطق انحلال عظمي وشظايا عظميّة. وغالبًا ما يظهر مظهر "أكل العث moth-eaten" على هذه الصور الشعاعيّة.
تتوجّه معالجة تموّت العظم الشعاعي نحو إزالة النسج المتموّتة والسماح للجسم بأن يشفى بنفسه. يجب أن يعي الطبيب دائمًا أن النسج المزالة عند مريض سرطان سابق يجب أن ترسل إلى المشرّح المرضي لاستبعاد آفة خبيثة خفيّة أو نكس للحالة السابقة والتي تختبئ على شكل إنتان عظمي. التنضير البسيط للعظم المكشوف قد ينجح في معظم الحالات البسيطة من تموّت العظم الشعاعي. تستدعي المعالجة الحالية تعزيز استجابة شفاء النسج باستخدام الأوكسجين مفرط الضغط HBO. تتألّف المعالجة بالأوكسجين مفرط الضغط من استخدام الأوكسجين 100% بشكل مضغوط، فالنسج المعالجة بالأوكسجين مفرط الضغط تمتلك مستويات مرتفعة من الأوكسجين، والذي يملك أثرًا سلبيًّا على الجراثيم وأثرًا إيجابيًّا على تكوين الأوعية الدمويّة وارتفاعًا بتدفّق الدم في المنطقة. يستخدم الأوكسجين مفرط الضغط بشكل فعّال لمعالجة التموّت العظمي الشعاعي وكعلاج مساعد في إجراءات إعادة البناء في المنطقة الفكّيّة الوجهيّة مثل قلع الأسنان والزرعات السنّيّة وإعادة بناء الفك عند المريض المشعّع.
تتألّف المعالجة بالأوكسجين مفرط الضغط من جلسات علاجيّة مدّتها 90 دقيقة بضغط يبلغ 2.4 جو. تجرى 20 إلى 30 جلسة قبل أي تداخل جراحي. ثمّ تنضّر منطقة التموّت العظمي الشعاعي وتتبع بـ10 جلسات إضافيّة للأوكسجين مفرط الضغط. تعتمد إعادة بناء المنطقة الفكيّة الوجهيّة على استجابة المريض لبروتوكول المعالجة. المعالجة بالأوكسجين مفرط الضغط مكلفة والمنشآت التي تجريها نادرة على الأغلب، ومتوفّرة فقط في المدن الكبيرة ذات المراكز الطبّيّة أو مراكز العلوم الصحّيّة الأكاديميّة.
ومع إضافة الجراحة الوعائيّة المجهريّة إلى التجهيزات الجراحيّة، أصبحت الآن خيارًا جراحيًّا ممتازًا لمعالجة مرضى التموّت العظمي الشعاعي. إذ تسمح الجراحة الوعائيّة المجهريّة (الشرائح الحرّة) للجرّاح بجلب نسج صلبة او رخوة تمتلك ترويتها الدموية المستقلّة. فعظم الشظيّة والعرف الحرقفي ولوح الكتف وعظم الكعبرة تشكّل جميعًا مناطق معطية. يعد استخدام عظم الشظيّة شائعًا جدًّا لإعادة البناء في المنطقة الفكّيّة الوجهيّة حيث يمكن للجرّاح أن يحصل على طول ممتاز من العظم يمكن قطعه وتشكيله على شكل فكّ سفليّ جديد.
كما توجد كتلة جلديّة ممتازة لتأمين تغطية النسج الرخوة (انظر الشكل -7). تدك الشريحة الوعائيّة المجهريّة إلى أوعية الوجه أو الشريان السباتي ونظام الوريد الوداجي لتأمين التغذية الدموية والتصريف. الفائدة السريريّة من الجراحة الوعائيّة المجهريّة هي أن الجراح ليس عليه أن يعتمد على السرير المستقبل الضعيف الناتج عن المعالجة الشعاعيّة أو الفاقد للنسج الرخوة، والذي غالبًا ما ينتج عقب جراحة استئصال السرطان. كما أن المعالجة بالأوكسجين مفرط الضغط ليست ضروريّة مع استخدام الجراحة الوعائيّة المجهريّة. وأخيرًا تستخدم إعادة البناء بالزرعات السنّيّة مع تقنيات نقل النسج الحرّة وأثبتت نجاحها لإعادة التأهيل السنّي عند هؤلاء المرضى.

الخاتمة

يشكّل التهاب العظم والنقي والتموّت العظمي الشعاعي مسلسلًا سريريًّا صعب التدبير. سيتلقّى العديد من المرضى معالجة مشتركة بين الجراحة والأدوية للوصول إلى الشفاء الكافي من هذه الأمراض. ستتطلّب حالة بعض المرضى الخضوع لمعالجة جراحيّة واسعة ومدمّرة لتدبير المرض. يتضمّن التدبير السريري المعالجة بالصادّات الحيويّة والمعالجة بالأوكسجين مفرط الضغط والتي قد تكون مرتفعة الثمن ومستهلكة للوقت ومهدّدة لحياة المريض.
وكلا هاتين الحالتين قد تبدأ من أمر بريء وشائع كالقلع السنّي.
يجب على الأطبّاء دومًا أن يكونوا يقظين للاختلاطات التالية للمعالجة والتي تتضمّن التهاب العظم والنقي والتموّت العظمي الشعاعي. فبرغم تطوّر أساليب المعالجة الطبّيّة والجراحيّ لم نستطع الوصول إلى الإجابة النهائيّة للوقاية و/أو التدبير الفموي لالتهاب العظم والنقي والتموّت العظمي الشعاعي.

المصدر: 

Peterson's Principles of oral and maxillofacial surgery - second edition

السبت، 27 فبراير 2016

[مقال مترجم] إعادة الرّبط الكامل – جريغوري كاماليونت

إعادة الرّبط الكامل – جريغوري كاماليونت
Total Reattachment – Gregory Camaleonte

تعتبر رضوض الأسنان الحادث الأكثر شيوعاً في منطقة الوجه وتصيب صغار السّن بشكل رئيسي.

في حالة حدوث كسر تاجي في سنّ أمامي، يجب وضع خطّة معالجة صحيحة لنحصل على إنذار جيّد للحالة. فإذا وُجِدت القطعة المكسورة كاملةً، تصبح إعادة الرّبط الكامل باستخدام الراتنج المركّب (الكمبوزِت) هي الخيار الأفضل من حيث النتائج على المدى البعيد، وستساعدنا على توفير الوقت إذ سنستخدم إجراءات بسيطة يمكن التنبؤ والوثوق بنتائجها. كما أنه أرخص ثمنًا إذ لن نحتاج إلى أيّ ترميم مباشر أو غير مباشر قد يزيد من الكلفة.

لنستعرض معًا خطوات المعالجة في هذه الحالة السريريّة:

 

الخلاصة

في مثل هذه الحالات، تتمثل المعالجة الأفضل بالختم الفوري لـ"للسن المصاب" وبأدائنا أفضل ما لدينا لإكمال المعالجة بجلسة واحدة وبطريقة محافظة.
إذا استطعنا الحصول على القطعة المكسورة كاملةً، نكون قد حصلنا على المادّة الأفضل للمعالجة.
فباستخدام الطريقة المناسبة، سنحصل على نتيجة يمكن التنبؤ بإنذارها مع إعادة الناحية الجمالية والوظيفية إلى السن.



الجمعة، 22 يناير 2016

(FDA) إدارة الغذاء والدواء: يجب عدم استخدام الليدوكائين Lidocaine لتسكين آلام بزوغ الأسنان.

(FDA) إدارة الغذاء والدواء : يجب عدم استخدام الليدوكائين Lidocaine لتسكين آلام بزوغ الأسنان.

FDA: Lidocaine Should Not be Used for Teething

http://www.fda.gov/Drugs/DrugSafety/ucm402240.htm

تحذّر وكالة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) من وصف محلول اللّيدوكائين الفموي بشكل جيل ذي التّركيز 2% لتسكين آلام الأطفال أثناء بزوغ أسنانهم. وقد طالبنا بوضع صندوق تحذير على عبوة المستحضر، وهو أقوى التّحذيرات لوكالة FDA. لا يوافق على استخدام محلول الليدوكائين الفموي بشكل جيل لعلاج آلام بزوغ الأسنان، وقد يسبّب استخدامه عند الأطفال أضرارًا خطرة تتضمّن الوفاة.
يجب على أختصاصيي العناية بالصّحة عدم وصف الدّواء أو نصح المرضى باستخدامه لتسكين آلام البزوغ، ويجب على الأهالي اتّباع توصيات الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال لعلاج آلام بزوغ الأسنان:
1. استخدام حلقة مطّاطيّة مبرّدة (عضّاضة) في البرّاد (غير مجمّدة).
2. تربيت أو تدليك لثّة الطّفل بإصبعك لتسكين الأعراض.
إنّ المستحضرات الدّوائية ومسكّنات الألم الموضعيّة التي توضع على اللّثة غير ضروريّة أو حتّى غير مفيدة وذلك لأنّها تزول من فم الطّفل خلال دقائق.
وقد ينتج عن إعطاء كمّيّة كبيرة من جيل الليدوكائين للأطفال أو عن ابتلاعهم كمية كبيرة منه نتيجة لحادث - نوبات صرعية أو إصابة دماغيّة شديدة أو مشاكل قلبية. وقد أدّت حالات تناول جرعات عالية بسبب الخطأ في تقدير الجرعة أو ابتلاع الطفل لها نتيجة لحادث إلى الحاجة إلى دخول الأطفال إلى المشفى أو إلى وفاتهم.
وقد راجعت وكالة FDA عام 2004، 22 حالة من ردود الفعل العكسيّة الخطرة متضمّنة الوفاة عند أطفال بعمر 5 أشهر إلى 3.5 سنة والّذين أعطوا محلول اللّيدوكائين الفمويّ بشكل جيل ذي التّركيز 2% لعلاج آلام الفم، بما فيها آلام بزوغ الأسنان والتهاب الفم، أو الذين ابتلعوها نتيجة حادث. وبالإضافة إلى صندوق التّحذير، نطلب مراجعة أقسام الجرعات والتّحذيرات والتّطبيق في نشرة الدواء لوصف خطورة الحوادث الجانبية ولإضافة المزيد من التّعليمات حول الجرعات عندما يستخدم الدواء بالشكل الموافق عليه.
تشجّع وكالة FDA الأهل على عدم استخدام الأدوية السّطحيّة لعلاج آلام بزوغ الأسنان والتي يمكن الحصول عليها دون وصفة طبّيّة لأن بعضها قد يكون مضرًّا. بل ننصح بالمقابل باتّباع توصيات الأكاديمية الأمريكية لطبّ الأطفال المذكورة أعلاه للمساعدة على تقليل آلام البزوغ.
وقد تحدثت FDA في مرّة سابقة عن اعتبارات الأمان المتعلّقة باستخدام مستحضرات البنزوكائين للاستخدام السّطحي والّتي تُعطى دون وصفة طبيّة لعلاج آلام بزوغ الأسنان. ففي عام 2011، حذّّرنا من استخدام جيل البنزوكائين لعلاج آلام البزوغ أو آلام الفم إذ تسبّب حالة نادرة ولكنّها خطرة تسمى methemoglobinemia. تتظاهر هذه الحالة على شكل انخفاض كبير في كمية الأوكسجين المنقولة في الدم. وهي مهدّدة للحياة وقد تسبّب الوفاة. واستمرت FDA بتلقي تقارير عن هذه الحالة عند الأطفال وقد ترافقت مع استخدام سوائل وجيل البنزوكائين وذلك منذ نُشر التحذير في 2011.

الأحد، 1 نوفمبر 2015

[منشورٌ مترجم] كم يدوم السّنّ المعالج لبّيًّا - ستيفِن كوهِن

كم يدوم السّن المعالج لبّيًّا؟ HOW LONG WILL AN ENDODONTICALLY TREATED TOOTH LAST?

Stephen Cohen - 01 Nov 2015

إنّ استفسار المريض عن المدّة الّتي يجب أن يتوقّع محافظته على سنّه إليها ليس أمرًا نادرًا بعد أن أنفق ماله ووقته في تلقّي المعالجة اللّبّيّة + الّترميم النّهائي.
بُحِث هذا التّساؤل في السّويد ونُشِرت النّتائج في مجلّة المداواة اللّبّيّة Journal of endodontics هذا العام من قبل (Boren, et al).
أجرى الباحثون دراسة استعاديّة عشوائيّة randomized retrospective study للمعالجة اللّبّيّة في عيادة تخصّصيّة وراجعوا  الحالات لعشر سنوات! وهذا ما وجدوه:
  •  كان معدّل البقاء أكثر من 91% للأسنان المعالجة اللّبّيّة الّتي تلقّت تيجانًا فورًا. وبالنّظر عن قرب وجدوا أنّ 7% من الأسنان فُقدت بسبب مشكلة مرضيّة لبّيّة. أمّا البقيّة فقد قُلعت بسبب كسر جذريّ أو نخور ناكسة.
  • معدّل البقاء 76% فقط إذا لم تُتوّج الأسنان.
وُجِد إحصائيًّا أنّ العمر والتّركيب الفوريّ للتّاج كانت العوامل المؤثّرة الأكثر أهمّيّة في بقاء السّن على المدى البعيد. فالمرضى الأصغر سنًّا يمتلكون ترميمات أقلّ، وبالتّالي بنى سنّيّة أكثر.

بالنّسبة إلينا كأطبّاء، ماذا تقدّم لنا هذه الدّراسة؟

يجب أن نوضّح تمامًا لمرضانا أنّ تلقّي المعالجة اللّبّيّة لوحدها يماثل شراء فردة حذاء واحدة؛ يجب أن يرمّم السّن فورًا (خلال أقلّ من 30 يومًا) لنضمن احتمالًا أعلى لبقاء السّن مدّةً أطول.
يجعل الكثير من المختصّين في المداواة اللّبّيّة مرضاهم يوقّعون على نموذج يتضمّن إقرار المريض بمعرفته ضرورة التّرميم الفوري. جعل هذا الأمر بشكل خطّيّ يجنّبنا حالات الإحراج أمام المريض المستاء الّذي يعود بعد أشهر بسنّ مقلوع زاعمًا أنّه لم يكن يعلم أنّ عليه تتويجه.
فالانتباه إلى ذلك يجعل عياداتنا أكثر نجاحًا وأقل إرهاقًا.

الاثنين، 26 أكتوبر 2015

[منشورٌ مترجم] مفهوم جديد في تطهير القناة الجذريّة - ستيفِن كوهِن

مفهوم جديد في تطهير القناة الجذريّة A NEW CONCEPT FOR ROOT CANAL DISINFECTION

Stephen Cohen - 26 Oct 2015

نعلم جميعًا من خلال العديد من الدّراسات المنشورة محدوديّة قدرتنا على تطهير القناة الجذريّة، إذ توفّر الثّغرات في العاج عددًا لا يحصى من "الكهوف" تخفي فيها العضويّات الدّقيقة غشاءها الحيويّ biofilm مع إنتاجها للّذّيفانات الدّاخليّة endotoxins. بالإضافة إلى ذلك، توجد سلالات من المكوّرات المعويّة البرازيّة E.faecalis والمبيضات Candida والشّعّيّات Actinomyces يصعب القضاء عليها بهيبوكلوريت الصّوديوم NaOCL و/أو ماءات الكالسيوم Ca(OH)2 مهما كان تركيز وحرارة هذه المواد المطهّرة وحتّى لو تمّ تنشيطها بالوسائل الصّوتيّة وفوق الصّوتيّة.
تُجرى التّحقيقات حول العالم بحثًا عن مفهوم جديد للقضاء التّام على جميع العضويّات الدّقيقة وقد حصلنا على المزيد من التقدّم باستخدام التّدفّق الضّوئيّ المحرّض بالفوتونات photon-induced photoacoustic streaming (PIP).
وجد الباحثون منذ حوالي ستّ سنوات أنّ اللّيزر يقوم بتنشيط محاليل الإرواء عبر نقل الطّاقة على شكل نبضات، وظهر أنّ الإرواء المنشّط باللّيزر ((Laser activated irrigation (LAI) باستخدام ليزر الإيربيوم Erbium أكثر فعاليّة إلى حدّ كبير في التّطهير من أيّ تقنيّة أخرى.
فأثناء الإرواء المنشّط باللّيزر LAI، تنبعث الفوتونات على شكل نبضات موجّهة تولّد صدمات ضوئيّة في الأقنية المملوءة بمحلول هيبوكلوريت الصّوديوم.
في إحدى الدّراسات المجراة على أسنان بشريّة مقلوعة (ex-vivo study) من قبل Olivi, et al والّتي نُشرت في مجلّة الجمعيّة الأمريكيّة لطبّ الأسنان عدد آب 2014 وُجِد أنّ هذه الفكرة الجديدة أكثر فعاليّة بشكل ملحوظ بالمقارنة مع طرقنا التّقليديّة غير المثاليّة للتّطّهير. ولكنّ هذه دراسة واحدة فقط!
قام د.رودريغو أمارال وزملاؤه في البرازيل بالبحث بجدّ حول هذا المفهوم الجديد أيضًا: ومن المحتمل أن تُنشر النّتائج الّتي توصّلوا إليها في العام المقبل.
هذا وقت رائع لممارسة المداواة اللّبّيّة بسبب التّطوّر الملحوظ الّذي تشهده في التّقنيّات والمواد الجديدة.

الجمعة، 23 أكتوبر 2015

[فصلٌ مترجم] حالة سريريّة: تلوّن في الأسنان الأماميّة


حالة سريريّة: تلوّن في الأسنان الأماميّة Discoloured anterior teeth

ملخّص الحالة

راجعت امرأة بعمر 22 سنة عيادتك، تشتكي من مظهر سيّئ لأسنانها. ما السّبب وما هو العلاج المناسب؟ (الصّورة -1) 

القصّة

الشّكوى

المريضة غير راضية عن لون أسنانها وتعتقد بأنّ أسنانها تزداد قتامةً مع الزّمن. وهي حريصة على مظهرها وتظهر ترددًّا لتبتسم بسبب أسنانها.

القصّة المرضيّة

بدت الأسنان رمادية قليلًا عند بزوغها وازدادت قتامةً ببطء مع الزّمن.

القصّة السّنّيّة 

أجرت المريضة القليل من المعالجات السّنيّة مسبقًا، كما تلقّت معالجة وقائيّة منتظمة حتى عمر 16 سنة في عيادتك. ذُكر في سجلّها انها أُعطيت جرعات فموية من الفلورايد على شكل قطرات بجرعة 0.25ملغ يوميًّا من الولادة وحتى عمر السّنتين، و0.5ملغ يوميًّا على شكل أقراص من 2 وحتّى 4 سنوات، ازدادت حتى 1ملغ يوميًّا من 4 وحتّى 12سنة.

القصّة الطبّيّة

المريضة بصحة جيّدة ولم تسجّل أيّ مشكلة مرضيّة في بطاقة الاستجواب. 

ما هي الأسباب التي تحدث تغيّرًا في لون الأسنان؟ وما هي خصائصها الّتي تفيد في التّشخيص التّفريقي؟

الأسباب المحتملة وخصائصها موضّحة في (الجدول - 1) 

ما هي الأسئلة التي ستطرحها على المريضة؟ ووضّح السّبب.

  • هل عانت من أيّ مرض بين الولادة وعمر 6 سنوات؟
هذا قد يؤدي بشكل مباشر إلى تغيّر اللون، أو بشكل غير مباشر عن طريق المعالجة بالتتراسكلينات. 
  • ما هو معجون الأسنان الّذي استخدمته أثناء تناولها لجرعات الفلورايد؟
بهذه الجرعات، يُتوقّع أن يظهر لدى نسبة قليلة من المرضى انسمام فلوريّ طفيف. سيحدث انسمام فلوري أشدّ إذا ترافقت هذه الجرعات مع مصدر آخر للفلورايد. وغالبًا ما يكون بسبب ابتلاع معجون أسنان حاوٍ على الفلور بتركيز مخصص للبالغين.
كما يجب أخذ العيش في منطقة طبقت فيها فلورة مياه الشرب في الحسبان. 
  • هل توجد قصة عائلية لتلوّن الأسنان أو فقدان الأسنان؟
في حالة الإيجاب سيساعد ذلك في تشخيص العيوب الوراثيّة، وذلك أساسيّ في تشخيص بعض أشكال تكوّن الميناء المعيب amelogenesis imperfecta. 
أخبرتك المريضة أنها تتذكّر تناولها عدّة جرعات من الصّادّات الحيويّة في طفولتها بسبب إنتان في الصّدر. ولا تستطيع أن تتذكر معجون الأسنان الّذي استخدمته قبل عمر الـ6 سنوات. ولكنّها أخبرتك أنّها تتذكر أنّها استخدمت معجون أسنان مخصص للبالغين طوال طفولتها. ولا حالات مشابهة في عائلتها. 

الفحص

الفحص الفمويّ

المخاطيّة الفمويّة طبيعيّة، والصحة الفمويّة جيّدة. ولا ترميمات على الأسنان. 

تظهر الأسنان الأماميّة في (الصّورة - 1). ماذا ترى؟ وكيف تصف هذا المظهر؟

شكل تيجان الأسنان طبيعيّ، القواطع والأنياب والضواحك ذات لون رماديّ-بنّيّ. 
بعض المناطق أقل تأثرًا وأخرى تظهر بلون أبيض كامد. تتناثر بقع بيضاء صغيرة على الميناء من الناحية الشّفوية. كما يوجد تخطيطات عرضيّة عديدة على الأسنان، أوضح ما تشاهد على ميناء الثّلث اللّثويّ من تيجان الثّنايا العلويّة. 
يتشابه نمط تلوّن الأسنان مع بعضها ما يشير إلى التصبّغ الدّاخليّ. يبدو توزّع الإصابة أنّه يتبع التّرتيب الزّمني لتطوّر الأسنان، إذ أصاب الميناء المتشكّلة من فترة الولادة وحتى عمر 6 سنوات تقريبًا. 
التّوزّع المتساوي للإصابة يقترح وجود العامل المسبب أثناء تطوّر السّن أو بسبب التعرّض له لفترة طويلة أو بشكل متكرّر. تقترح الخطوط الدّقيقة على الثّنايا وجود سلسلة من التّعرّضات المتكرّرة للعامل المسبّب. كما أنّ اللّون الرّماديّ-البنّيّ نموذجيّ لحالة التّصبّغ بالتّتراسكلينات. 
أمّا البقع البيضاء الصغيرة فهي صعبة التّفسير. فهي لا تحدث دومًا مع التّتراسكلين، وقد تكون إمّا انسمامًا فلوريًّا طفيفًا أو خاصّة طبيعيّة للسّن جعلتها الميناء المتلونة بارزةً. 

استقصاءات

ما هي الفحوص الأخرى التي ستجريها؟ واشرح السبب.

يجب فحص السّن بالتّجفيف. حيث تصبح العيوب المساميّة أكثر كمودًا ووضوحًا ويساعد في الكشف عن الخطوط والبقع الدّقيقة. 
يمكن أيضًا فحص السّن تحت الأشعّة فوق البنفسجيّة لرؤية التّألّق الأخضر/الرّمادي الّذي يؤكّد حالة التّصبّغ بالتّتراسكلين. التألّق ليس فاقعًا جدًّا ولا يمكن رؤيته إلا إذا أُطفِئَت أنوار الغرفة. 
كما يجب فحص حيويّة الأسنان المتلوّنة -رغم أنّ ذلك ليس ضروريًّا في هذه الحالة- بسبب احتمال فقدان حيويّة السّن الّذي أدّى إلى التّلون. 
كما أنّ اختبار حيويّة السّن المتلوّن سيساعد في تحديد خيارات العلاج الممكنة. 
لا تجدي الصّور الشّعاعيّة في هذه الحالة. يمكن إجراء الصّور الذّرويّة إذا كانت الأسنان غير حيّة أو مصابة بالتهاب النّسج الدّاعمة. 
وتفيد أيضًا الصّور الشّعاعيّة عند المرضى الأصغر سنًّا لتحديد ما إذا كانت الأسنان غير البازغة طبيعيّة، أو إذا كان تكوّن العاج المعيب dentinogenesis imperfecta سببًا محتملًا للتلوّن. 
في هذه الحالة لم يلاحظ أيّ تألّق بالأشعّة فوق البنفسجيّة، وجميع الأسنان حيّة. 

التّشخيص التّفريقي

ما هو تشخيصك؟

اللّون الدّاكن للأسنان نموذجيّ للتصبّغ الدّاخليّ المسبّب بالتّتراسكلين. الأسنان الصّفراء التي ازدادت قتامة مع الزمن أيضًا مميّزة للتتراسكلين. 
عند سؤال طبيب المريضة، أكّد أنّها تلقّت جرعات متكرّرة من التّتراسكلين وقد استمرّت أحيانًا لمدّة طويلة بسبب انتان صدريّ، ما يؤكّد التّشخيص. 

لماذا ليس السّبب الانسمام الفلوري؟

لا يمكن أن يسبّب الانسمام الفلوري تصبغًا معمّمًا. كما أنّ مظهر الإصابة به مختلف تمامًا، بقع بنّيّة ولطخات بيضاء. يمكن في هذه الحالة أن تكون البقع البيضاء المتناثرة ناتجة عن انسمام فلوري بسيط. كما أنّ حقيقة استخدام المريضة لمعجون أسنان حاوٍ على الفلور بالإضافة إلى الجرعات الدّاعمة من الفلور الفمويّ لعدّة سنوات يجعل من ذلك أمرًا محتملًا. 
ولكن مع ذلك، لا يمكن وضع تشخيص حتميّ بسبب عدم وجود اختبار تشخيصي مقبول للدّرجات الخفيفة من الانسمام الفلوري. فقد توجد البقع البيضاء الصّغيرة في الميناء الطّبيعيّة. 

المعالجة

كيف ستحدّد الأسنان التي تجب معالجتها؟

اهتمام المريضة الرّئيسيّ هو مظهرها. لذلك فإنّ الأسنان المصابة المرئية فقط تحتاج للمعالجة. يجب أخذ العوامل التّالية بالحسبان: 
  • خط الابتسام: لاحظ المريضة أثناء الراحة وأثناء الكلام وأثناء الابتسامة الطّبيعية. لاحظ مستوى خطّ الشّفة، وما هي الأسنان المرئيّة (وماذا يظهر من تيجانها). هذا ما سيحدّد الأسنان التي تحتاج المعالجة، كما أنه سيحدّد مكان توضّع الحواف اللّثويّة للتّرميمات.
  • في هذه الحالة: جميع الأسنان من الرّحى الأولى إلى الرّحى الأولى مرئيّة أثناء الابتسام لكن الضّواحك الثّانية والأرحاء تقع في الظّل فلا تظهر التّصبّغات بوضوح. خط الشّفة العلويّة يقع على مستوى الحافّة اللّثويّة للقواطع والأنياب، كاشفًا الحليمات بين السّنّيّة. 
  • الإطباق: الوجوه الخزفيّة والتّرميمات الرّاتنجية غير المباشرة صعبة الصّنع في حالات تراكب الأسنان بسبب صعوبة فصل الأسنان في المثال الإفرادي في المخبر. يجب اتّباع طرق أخرى للعلاج في هذه الحالات. إذا وجد تآكل في الحدود القاطعة للأسنان فإنّ الوجوه الخزفيّة -الهشة بطبيعتها- يمكن أن تتكسّر، وتفضّل حينها وجوه الرّاتنج المركّب المباشرة. 
  • عمل المريض: تتطلّب خطة المعالجة عند المرضى الذين يعتمد عملهم على مظهرهم درجة أكبر من تصحيح ألوان الأسنان ومعالجة عدد أكبر من سطوح الأسنان، فالممثّلون مثلًا تتطلب التّرميمات عندهم أن تبدو طبيعيّة تحت مختلف أنواع وظروف الإنارة. 
لحسن الحظّ هذه التّعقيدات غير موجودة في هذه الحالة. 

ما هي خيارات المعالجة المتاحة؟ وما هي فوائدها ومساوئها؟

انظر (الجدول - 2). 

ما هو العلاج المناسب لهذه الحالة؟ واشرح السّبب.

وُضّح في (المخطط) المرفق. 
المداخلة المحافظة باستخدام التّبييض بالكارباميد بيروكسايد قد تكون مناسبة، وتمّت تجربتها مباشرةّ. على أيّ حال، في هذه الحالة يترك خطّ شفة المريضة ميناء أعناق القواطع والأنياب مكشوفة، كما بقيت بقع غامقة عند أعناق الأسنان بعد التّبييض. 
طلبت المريضة وجوهًا خزفية لتغطية التلوّن. 

الإنذار

تظهر وجوه الخزف في (الصّورة - 2). المظهر ليس مثاليًّا بسبب الاضطرار إلى استخدام وجوه غير شفّافة. ولكنّ المريضة سُرّت بهذه النتيجة. 

ما هو إنذار الوجوه الخزفيّة على المدى البعيد؟

الوجوه على النّاب الأيمن والرّباعية بعلاقة معكوسة مع النّاب السّفليّ وتقريبًا حدّ لحدّ عند الرّباعيّة. في الجهة اليسرى أيضًا الرباعيّة والنّاب بعلاقة حدّ لحدّ مع مقابلاتها. فيوجد خطر تكسّر الحدود القاطعة وسقوط التّرميم. 

الوقاية

يجب ألّا يوصف التّتراسكلين للمرضى تحت 12 سنة. 
لسوء الحظ ما زالت توصف جرعات التّتراسكلين للأطفال. بعض الحالات الخاصّة يستطب فيها التّتراسكلين مثل التليّف الكيسي حيث ما تزال جرعات التّتراسكلين طويلة الأمد توصف للأطفال. 
كما أنّ التتراسكلينات تعطى بدون وصفة ( over-the-counter) في بعض الدّول. 
التتراسكلينات (ومثالها المينوسكلين)، تمتصّ وتصل إلى الدّم بمستويات عالية، وهي الأدوية الموصوفة لمنع الإنتان في حالات العِدّ. فهي توصف لليافعين والبالغين الصّغار وقد تسبب تلوّن الأنسجة السنية المتكوّنة في هذا الوقت، مثل جذور الأرحاء الثّالثة. 
على أيّ حال، المينوسكلين قد يسبب تصبّغ العظام والأسنان مكتملة التّطور أيضًا. حيث يتّحد بالسّطح المقابل للّب من العاج، ويكون التصبغ حينها بأشدّه في الأسنان الّتي يكون فيها تكوّن العاج الثانويّ نشطًا. وبما أنّ هذا التصبغ يقع في عمق السّن، فلا يمكن علاجه بوسائل التبييض الخارجيّ. 

المصدر

Odell, Edward W (2010), Clinical Problem Solving in Dentistry, third edition, Elsevier