حالة سريريّة: تلوّن في الأسنان الأماميّة Discoloured anterior teeth
ملخّص الحالة
راجعت امرأة بعمر 22 سنة عيادتك، تشتكي من مظهر سيّئ لأسنانها. ما السّبب وما هو العلاج المناسب؟ (الصّورة -1)
القصّة
الشّكوى
المريضة غير راضية عن لون أسنانها وتعتقد بأنّ أسنانها تزداد قتامةً مع الزّمن. وهي حريصة على مظهرها وتظهر ترددًّا لتبتسم بسبب أسنانها.
القصّة المرضيّة
بدت الأسنان رمادية قليلًا عند بزوغها وازدادت قتامةً ببطء مع الزّمن.
القصّة السّنّيّة
أجرت المريضة القليل من المعالجات السّنيّة مسبقًا، كما تلقّت معالجة وقائيّة منتظمة حتى عمر 16 سنة في عيادتك. ذُكر في سجلّها انها أُعطيت جرعات فموية من الفلورايد على شكل قطرات بجرعة 0.25ملغ يوميًّا من الولادة وحتى عمر السّنتين، و0.5ملغ يوميًّا على شكل أقراص من 2 وحتّى 4 سنوات، ازدادت حتى 1ملغ يوميًّا من 4 وحتّى 12سنة.
القصّة الطبّيّة
المريضة بصحة جيّدة ولم تسجّل أيّ مشكلة مرضيّة في بطاقة الاستجواب.
ما هي الأسباب التي تحدث تغيّرًا في لون الأسنان؟ وما هي خصائصها الّتي تفيد في التّشخيص التّفريقي؟
الأسباب المحتملة وخصائصها موضّحة في (الجدول - 1)
ما هي الأسئلة التي ستطرحها على المريضة؟ ووضّح السّبب.
- هل عانت من أيّ مرض بين الولادة وعمر 6 سنوات؟
هذا قد يؤدي بشكل مباشر إلى تغيّر اللون، أو بشكل غير مباشر عن طريق المعالجة بالتتراسكلينات.
- ما هو معجون الأسنان الّذي استخدمته أثناء تناولها لجرعات الفلورايد؟
بهذه الجرعات، يُتوقّع أن يظهر لدى نسبة قليلة من المرضى انسمام فلوريّ طفيف. سيحدث انسمام فلوري أشدّ إذا ترافقت هذه الجرعات مع مصدر آخر للفلورايد. وغالبًا ما يكون بسبب ابتلاع معجون أسنان حاوٍ على الفلور بتركيز مخصص للبالغين.
كما يجب أخذ العيش في منطقة طبقت فيها فلورة مياه الشرب في الحسبان.
- هل توجد قصة عائلية لتلوّن الأسنان أو فقدان الأسنان؟
في حالة الإيجاب سيساعد ذلك في تشخيص العيوب الوراثيّة، وذلك أساسيّ في تشخيص بعض أشكال تكوّن الميناء المعيب amelogenesis imperfecta.
أخبرتك المريضة أنها تتذكّر تناولها عدّة جرعات من الصّادّات الحيويّة في طفولتها بسبب إنتان في الصّدر. ولا تستطيع أن تتذكر معجون الأسنان الّذي استخدمته قبل عمر الـ6 سنوات. ولكنّها أخبرتك أنّها تتذكر أنّها استخدمت معجون أسنان مخصص للبالغين طوال طفولتها. ولا حالات مشابهة في عائلتها.
الفحص
الفحص الفمويّ
المخاطيّة الفمويّة طبيعيّة، والصحة الفمويّة جيّدة. ولا ترميمات على الأسنان.
تظهر الأسنان الأماميّة في (الصّورة - 1). ماذا ترى؟ وكيف تصف هذا المظهر؟
شكل تيجان الأسنان طبيعيّ، القواطع والأنياب والضواحك ذات لون رماديّ-بنّيّ.
بعض المناطق أقل تأثرًا وأخرى تظهر بلون أبيض كامد. تتناثر بقع بيضاء صغيرة على الميناء من الناحية الشّفوية. كما يوجد تخطيطات عرضيّة عديدة على الأسنان، أوضح ما تشاهد على ميناء الثّلث اللّثويّ من تيجان الثّنايا العلويّة.
يتشابه نمط تلوّن الأسنان مع بعضها ما يشير إلى التصبّغ الدّاخليّ. يبدو توزّع الإصابة أنّه يتبع التّرتيب الزّمني لتطوّر الأسنان، إذ أصاب الميناء المتشكّلة من فترة الولادة وحتى عمر 6 سنوات تقريبًا.
التّوزّع المتساوي للإصابة يقترح وجود العامل المسبب أثناء تطوّر السّن أو بسبب التعرّض له لفترة طويلة أو بشكل متكرّر. تقترح الخطوط الدّقيقة على الثّنايا وجود سلسلة من التّعرّضات المتكرّرة للعامل المسبّب. كما أنّ اللّون الرّماديّ-البنّيّ نموذجيّ لحالة التّصبّغ بالتّتراسكلينات.
أمّا البقع البيضاء الصغيرة فهي صعبة التّفسير. فهي لا تحدث دومًا مع التّتراسكلين، وقد تكون إمّا انسمامًا فلوريًّا طفيفًا أو خاصّة طبيعيّة للسّن جعلتها الميناء المتلونة بارزةً.
استقصاءات
ما هي الفحوص الأخرى التي ستجريها؟ واشرح السبب.
يجب فحص السّن بالتّجفيف. حيث تصبح العيوب المساميّة أكثر كمودًا ووضوحًا ويساعد في الكشف عن الخطوط والبقع الدّقيقة.
يمكن أيضًا فحص السّن تحت الأشعّة فوق البنفسجيّة لرؤية التّألّق الأخضر/الرّمادي الّذي يؤكّد حالة التّصبّغ بالتّتراسكلين. التألّق ليس فاقعًا جدًّا ولا يمكن رؤيته إلا إذا أُطفِئَت أنوار الغرفة.
كما يجب فحص حيويّة الأسنان المتلوّنة -رغم أنّ ذلك ليس ضروريًّا في هذه الحالة- بسبب احتمال فقدان حيويّة السّن الّذي أدّى إلى التّلون.
كما أنّ اختبار حيويّة السّن المتلوّن سيساعد في تحديد خيارات العلاج الممكنة.
لا تجدي الصّور الشّعاعيّة في هذه الحالة. يمكن إجراء الصّور الذّرويّة إذا كانت الأسنان غير حيّة أو مصابة بالتهاب النّسج الدّاعمة.
وتفيد أيضًا الصّور الشّعاعيّة عند المرضى الأصغر سنًّا لتحديد ما إذا كانت الأسنان غير البازغة طبيعيّة، أو إذا كان تكوّن العاج المعيب dentinogenesis imperfecta سببًا محتملًا للتلوّن.
في هذه الحالة لم يلاحظ أيّ تألّق بالأشعّة فوق البنفسجيّة، وجميع الأسنان حيّة.
التّشخيص التّفريقي
ما هو تشخيصك؟
اللّون الدّاكن للأسنان نموذجيّ للتصبّغ الدّاخليّ المسبّب بالتّتراسكلين. الأسنان الصّفراء التي ازدادت قتامة مع الزمن أيضًا مميّزة للتتراسكلين.
عند سؤال طبيب المريضة، أكّد أنّها تلقّت جرعات متكرّرة من التّتراسكلين وقد استمرّت أحيانًا لمدّة طويلة بسبب انتان صدريّ، ما يؤكّد التّشخيص.
لماذا ليس السّبب الانسمام الفلوري؟
لا يمكن أن يسبّب الانسمام الفلوري تصبغًا معمّمًا. كما أنّ مظهر الإصابة به مختلف تمامًا، بقع بنّيّة ولطخات بيضاء. يمكن في هذه الحالة أن تكون البقع البيضاء المتناثرة ناتجة عن انسمام فلوري بسيط. كما أنّ حقيقة استخدام المريضة لمعجون أسنان حاوٍ على الفلور بالإضافة إلى الجرعات الدّاعمة من الفلور الفمويّ لعدّة سنوات يجعل من ذلك أمرًا محتملًا.
ولكن مع ذلك، لا يمكن وضع تشخيص حتميّ بسبب عدم وجود اختبار تشخيصي مقبول للدّرجات الخفيفة من الانسمام الفلوري. فقد توجد البقع البيضاء الصّغيرة في الميناء الطّبيعيّة.
المعالجة
كيف ستحدّد الأسنان التي تجب معالجتها؟
اهتمام المريضة الرّئيسيّ هو مظهرها. لذلك فإنّ الأسنان المصابة المرئية فقط تحتاج للمعالجة. يجب أخذ العوامل التّالية بالحسبان:
- خط الابتسام: لاحظ المريضة أثناء الراحة وأثناء الكلام وأثناء الابتسامة الطّبيعية. لاحظ مستوى خطّ الشّفة، وما هي الأسنان المرئيّة (وماذا يظهر من تيجانها). هذا ما سيحدّد الأسنان التي تحتاج المعالجة، كما أنه سيحدّد مكان توضّع الحواف اللّثويّة للتّرميمات.
- في هذه الحالة: جميع الأسنان من الرّحى الأولى إلى الرّحى الأولى مرئيّة أثناء الابتسام لكن الضّواحك الثّانية والأرحاء تقع في الظّل فلا تظهر التّصبّغات بوضوح. خط الشّفة العلويّة يقع على مستوى الحافّة اللّثويّة للقواطع والأنياب، كاشفًا الحليمات بين السّنّيّة.
- الإطباق: الوجوه الخزفيّة والتّرميمات الرّاتنجية غير المباشرة صعبة الصّنع في حالات تراكب الأسنان بسبب صعوبة فصل الأسنان في المثال الإفرادي في المخبر. يجب اتّباع طرق أخرى للعلاج في هذه الحالات. إذا وجد تآكل في الحدود القاطعة للأسنان فإنّ الوجوه الخزفيّة -الهشة بطبيعتها- يمكن أن تتكسّر، وتفضّل حينها وجوه الرّاتنج المركّب المباشرة.
- عمل المريض: تتطلّب خطة المعالجة عند المرضى الذين يعتمد عملهم على مظهرهم درجة أكبر من تصحيح ألوان الأسنان ومعالجة عدد أكبر من سطوح الأسنان، فالممثّلون مثلًا تتطلب التّرميمات عندهم أن تبدو طبيعيّة تحت مختلف أنواع وظروف الإنارة.
لحسن الحظّ هذه التّعقيدات غير موجودة في هذه الحالة.
ما هي خيارات المعالجة المتاحة؟ وما هي فوائدها ومساوئها؟
انظر (الجدول - 2).
ما هو العلاج المناسب لهذه الحالة؟ واشرح السّبب.
وُضّح في (المخطط) المرفق.
المداخلة المحافظة باستخدام التّبييض بالكارباميد بيروكسايد قد تكون مناسبة، وتمّت تجربتها مباشرةّ. على أيّ حال، في هذه الحالة يترك خطّ شفة المريضة ميناء أعناق القواطع والأنياب مكشوفة، كما بقيت بقع غامقة عند أعناق الأسنان بعد التّبييض.
طلبت المريضة وجوهًا خزفية لتغطية التلوّن.
الإنذار
تظهر وجوه الخزف في (الصّورة - 2). المظهر ليس مثاليًّا بسبب الاضطرار إلى استخدام وجوه غير شفّافة. ولكنّ المريضة سُرّت بهذه النتيجة.
ما هو إنذار الوجوه الخزفيّة على المدى البعيد؟
الوجوه على النّاب الأيمن والرّباعية بعلاقة معكوسة مع النّاب السّفليّ وتقريبًا حدّ لحدّ عند الرّباعيّة. في الجهة اليسرى أيضًا الرباعيّة والنّاب بعلاقة حدّ لحدّ مع مقابلاتها. فيوجد خطر تكسّر الحدود القاطعة وسقوط التّرميم.
الوقاية
يجب ألّا يوصف التّتراسكلين للمرضى تحت 12 سنة.
لسوء الحظ ما زالت توصف جرعات التّتراسكلين للأطفال. بعض الحالات الخاصّة يستطب فيها التّتراسكلين مثل التليّف الكيسي حيث ما تزال جرعات التّتراسكلين طويلة الأمد توصف للأطفال.
كما أنّ التتراسكلينات تعطى بدون وصفة ( over-the-counter) في بعض الدّول.
التتراسكلينات (ومثالها المينوسكلين)، تمتصّ وتصل إلى الدّم بمستويات عالية، وهي الأدوية الموصوفة لمنع الإنتان في حالات العِدّ. فهي توصف لليافعين والبالغين الصّغار وقد تسبب تلوّن الأنسجة السنية المتكوّنة في هذا الوقت، مثل جذور الأرحاء الثّالثة.
على أيّ حال، المينوسكلين قد يسبب تصبّغ العظام والأسنان مكتملة التّطور أيضًا. حيث يتّحد بالسّطح المقابل للّب من العاج، ويكون التصبغ حينها بأشدّه في الأسنان الّتي يكون فيها تكوّن العاج الثانويّ نشطًا. وبما أنّ هذا التصبغ يقع في عمق السّن، فلا يمكن علاجه بوسائل التبييض الخارجيّ.
المصدر
Odell, Edward W (2010), Clinical Problem Solving in Dentistry, third edition, Elsevier